هارون من وحي القرآن والسنة

هارون - عليه السلام - نبي ورسول ووزير اصطفاه الله عز وجل سندا لرسالة موسى - عليه السلام - وهو ذو مكانة رفيعة عند بني إسرائيل، وهو بما وصفه الله به في كتابه الحكيم هو رجل دولة (وزيرا) أي أن هارون على مهام ثلاثة:

  • النبأ
  • الرسالة
  • الوزارة

ولهذا عضد الله أزر موسى بأخيه هارون - عليه السلام - وأناط بهما  دعوة بني إسرائيل وتخليصهم من عبودية فرعون وجبروته واستذلاله لهم، ولقد نصر الله موسى وهارون وأهلك فرعون وجنوده، وأورث بني إسرائيل الأرض من بعدهم عُرف هارون - عليه السلام - بفصاحته ومكانته في قومه، ومقدرته على المخاطبة والمحاجة، فطلب موسى - عليه السلام - من ربه أن يجعله معه سندا، قال تعالى (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ)

ولهذا كان هارون سندا لموسى في حواره مع فرعون والذين معه من الكافرين؛ فكان الوزير بما وصف به من وزارة، وهو المتمكن من الحجة والفصاحة والمكانة عند بني قومه.

كان هارون - عليه السلام - على منزلة عالية من موسى - عليه السلام - أي أن هارون رفيع المنزلة عند أخيه موسى وعند ربه، ولهذا تم اصطفاؤه رسولا مساندا لأخيه ومعينا له على بني إسرائيل، وكذلك كان هارون متميزا بوده ولين جانبه مع بني إسرائيل. وفي هذا الشأن روي حديث عن النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - يقول فيه لعلي: "أنْت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي"

إن طلب موسى - صلى الله عليه وسلم - يتمركز حول بناء قاعدة رصينة تعينه في الاتكاء عليها من أجل مواجهة شخصية وفكر وعدو لا يطرح التاريخ الإنساني هذا الطرح من قبل، فضلا عن ذلك أن موسى قد عرف فرعون جيدا، لذلك أفضى به البحث عن حلول ما سيتوقع من ذلك اختياره لهارون، فهو يترقب ويرصد ويخمن ما يترتب على دعوته فهو يهيئ الأمور المختلفة ويجندها لخدمة قضيته المركزية، فالعصا مثلت الجانب المادي في دعوته، وهارون مثل الجانب الإفصاحي المعنوي، وهنا اكتملت الدائرة الدعوية التي تفكك كل الأباطيل وتعيد طرحها بأنساق واضحة تتفق مع توحيد الله - تعالى - وعبادته.

إن وجود هارون - صلى الله عليه وسلم - في حياة موسى مثل العتبة الثانية التي وقف عليها في حياته، فاللقاء بينهما ابتدأ مع رحلة موسى بالعودة إلى مصر، تلك العودة التي كتب لها أن تصل ضمن بداية ثنائية ضمت موسى وهارون - عليهما السلام - لمجابهة فرعون لتقويمه وتبصيره وتغييره إلى الوجهة التي يريدها الله - تعالى -.