نوح من وحي القرآن والسنة

إن البحث في مجالات الرسل الكرام من القرآن والسنة هو بحث موسوعي وهنا جاء البحث في مجال النبي نوح - عليه الصلاة والسلام - ضمن طائفة من المباحث ووفق رؤية ودلالات استشرفت مفاهيم جديدة، وأوضحت أبعادا كانت غامضة، وأظهرت مقاصد كانت خافية على البعض، كان الفضل فيها لمن سبقنا ومهد لنا من وعورة مسالكها.

وقد يخيل إلى كثير من الناس، أن هذا الوجه من البحث سهل ميسر، وأن طريقه آمنة معبدة، وأن الإقدام عليه لن تزل به قدم، ذلك أن علماءنا رحمهم الله مهدوه كل ممهد، وما تركوا لنا ولأمثالنا ما نزيد، ومع ذلك لكل عصر لغة ومفهوم والكمال دائما لله وحده.

إن هذه النظرة المبنية على مثل هذه الآراء،كان لها الفضل أيضا أن منحتنا توخي الدقة فيما نقول، والغوص في أعماق المعاني وظلالها التي دللت وأوصلتنا إلى مفاهيم تدعمها الحجة والبراهين في المنهج التحليلي الذي اتخذناه عمادا لنا. لقد كان التعامل مع موضوعات البحث قائما على فلسفة الفكرة بنقد دقيق متوازن، بالمعنى الذي يقوم على توضيح أبعاد القضايا بكيفية انبثاق الجزئيات من كلياتها، وعلاقة هذه الكليات بجزئياتها وما يتجزأ منهما، وما يربط بينها وصول إلى غاية هذا الترابط الذي يبين أن الإنسان جزء من الكون، والكون مسخر للإنسان عندما جعله الله - تعالى - خليفة فيه.

ولذا؛ فقد كان الإهتمام منصبا على الجوهر قبل العرض، والمعنى قبل المبنى، والعقل قبل المحاكاة والتقليد.