إلياس من وحي القرآن والسنة

عاش إلياس - عليه السلام - في القرن التاسع قبل الميلاد في عهد ملك من ملوك بني إسرائيل الذي اتخذ معبودا من دون الله؛ وكان يراه مجيبا للدعاء، ولكن لما تعرض ابنه للمرض القاسي ودعاه شافيا لابنه؛ فلم يجبه، ثم انتظر ودعاه ثانية وثالثة ورابعة فلم يجبه شيء، من بعدها عرف أنه لا يجيب.

وكان المعبود الذي اتخذه الملك إلها لبني إسرائيل هو ذلك الصنم الذي جاءته به زوجته الفنيقية التي استمالت الملك (زوجها) ضعيف الشخصية إلى عبادة الأوثان.

كان إلياس - عليه السلام - لبني إسرائيل نبيا ورسولا بعد أن ظهرت فيهم عبادة الأصنام؛ فكان داعيا لعبادة الله واحد أحد لا شريك له، ولكن دعوته ووجهت بالرفض الشديد، وبخاصة من ملكهم. فدعا إلياس ربه: "اللهم إن بني إسرائيل قد أبو إلا الكفر بك والعبادة لغيرك؛ فغير ما بهم من نعمتك؛ فأوحي الله إليه إن جعلنا أمر أرزاقهم بيدك فأنت الذي تأمر في ذلك؛ فقال إلياس: اللهم فأمسك عليهم المطر؛ فحبس عنهم ثلاث سنين، حتى هلكت الماشية والشجر، وجهد الناس جهدا شديدا".

ويذكر ابن كثير أن رسالة النبي إلياس - عليه السلام - كانت لأهل بعلبك غرب دمشق وأنه كان لهم صنم يعبدونه يسمي (بعلا) وقد ذكره القرآن الكريم على لسان إلياس حين قال لقومه: قال تعالى (أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ)

ولهذا فالنبي إلياس يدعوا إلى التوحيد الذي هو قيمة تسليمية حيث لا مجال للمشاركة ولا للمثال ولا إمكانية للثنائية والجمعية، ولا إمكانية للمشاهدة للمطلق في قوله وفعله وهو الواحد الذي لا يتعدد. فالتوحيد قرار عن وعي بأن الخالق واحد أحد، وهو لم يكن بسبب ولا علة ولا شيء، ذلك كونه خالق السبب والعلة والشيء، ومن بلغ معرفة أهمية التوحيد بإمكانه أن يعرف الكثير، ويتعلم من أجل معرفة المزيد؛ فهو بعد أن وحد خالقه فتح على نفسه أبواب المعرفة الواسعة هي كما هي حقائق تتعدد.