موسى من وحي القرآن والسنة

موسى - عليه الصلاة والسلام  - نبي ولد في ظروف صعبة حيث كان في زمنه فرعون حاكما لمصر، وهو قد طغى في الأرض حتى أنه قرر قتل المواليد الذكور خوفا من منافس ومتحد يخلص المصريين من فساده في  الأرض، ومع ذلك ولد موسى، وسلم موسى، بل وعاش في بيت فرعون كونه آية من آيات الخالق - تعالى - فذلك الطاغية فرعون رأى في منامه ذات ليلة أن نارا تأكل ملكه وتقتل شعبه وهي آتية من ناحية بيوت بني إسرائيل، قام فرعون مفزوعا خائفا من نومه، فأسرع باستدعاء السحرة والكهنة وحكي لهم ما رأي، فأخبروه تفسيرا أنه سيولد في بني إسرائيل مولود يكون سببا في ذهاب ملكه وهلاكه؛ ففزع فرعون وأمر جنوده وحاشيته أن يقتلوا كل من يولد ذكرا من بني إسرائيل. وفي تلك الفترة كانت امرأة عمران حاملا بنبي الله موسي - عليه السلام - ثم ولدت موسى في هذه الظروف الصعبة، كان موسى حذرا خائفا حيث ورد تخوفه في أكثر من مشهد فهو قد كان خائفا مما فعل بتلك الوكزة التي كانت قاتلة، وله من بعدها مخاوف أخرى  وبالرغم من ذلك فالله معه يطمئنه في كل مشهد، إن حياة موسى - صلى الله عليه وسلم - كانت حافلة بالأحداث المختلفة من بداية إلقاء أمه له في اليم إلى أن التحق بالرفيق الأعلى، فقد آثرنا أن يكون عرضنا لحياته وللقضايا الفكرية التي تمثلها دعوته في كثير من الأحيان بطريقة السرد التحليلي، فتنقلاته والأماكن المختلفة التي وقف عليها منحتنا أو رغبتنا باتباع السرد الروائي، ذلك أن الإثارة في الأحداث تثير المتلقي في تتبع الأحداث المختلفة، فهذه الطريقة كما نعتقد هي من الطرق المهمة في الوصول إلى عقل وقلب المتلقي.

إن الشخصيات المختلفة التي رافقت موسى - صلى الله عليه وسلم - في دعوته كانت لها بصمة واضحة في حياته، فقد استعرضناها وحاولنا إعطاءها الدور المناسب في الظهور والاختفاء، حتى أن المسميات كانت بما ورد في القرآن الكري فلم نسم الشيخ الذي قابله في مدين بشعيب، ولا العبد الصالح بالخضر، ذلك أن منهجنا يتبع النص القرآنى ويستند عليه، فمؤلفنا ليس مقصورا على المسلمين، ففيه من الأفكار ما ترتبط ارتباطا مباشرا بهم، وهذا حتم علينا أن يكون مصدرنا الأساس هو القرآن الكريم ثم السنة الكريمة.

اتبع المؤلف منهجا يتلائم مع حياة موسى - صلى الله عليه وسلم - فكان التقسيم المتبع يتطابق مع بداية حياته وتحركاته المختلفة قبل الدعوة وبعدها،كما رافق هذا العرض استبطان الحالة السيكولوجية لكل شخصية محاولين ما استطعنا تبيان كل كبيرة أو صغيرة فيها، وهذا ما اتفق صداه في كثير من المواقف التي وقفنا إزاءها؛ فالشخصيات تنوعت في حياته - صلى الله عليه وسلم - فالأم والأخت والأخ والزوجة والشيخ والعبد الصالح مثلت الجانب الإيجابى من دعوته - صلى الله عليه وسلم - أما فرعون وهامان والسامري وقارون فقد مثلت الجانب السلبي من الدعوة، هذه الإيجابية والسلبية تفاعلت في مختلف الأحداث وأنتجت دروسا وعبرا شكلت فيما بعد منعطفا كبيرا في سياق الفكر الديني.