الإرادة تُمكن من نيل المأمول
Book Cover: الإرادة تُمكن من نيل المأمول

في دائرة المتوقَّع الإرادة لا تكون إلَّا بأيدي النَّاس، ولكن في دائرة غير المتوقَّع تكون إراداتهم مصادرة كرهًا، ومن هنا يجد الإنسان نفسه في ضائقة نفسيَّة (في خشيةٍ) وكأنَّ نفسه عورة؛ ذلك لأنَّه يعرف أنَّه قد خُلق بين التخيير والتسيير؛ إنَّه مسيّرًا فيما لا علاقة له به؛ كونه التسيير المطلق (المعجز والمستحيل)، وهذه مشيئة الله، وفي المقابل يعرف أنَّه مخيّرًا في مشيئته الخاصّة (داخل دائرة الممكن)؛ ومع ذلك إن وقع بين أيدٍ ماكرة قد تصادر إرادته كلّها؛ ومن ثمَّ فلن يجد لنفسه شيء من التخيير.

ولذا فَمَنْ تُصادر إرادته، يُحرم مِن ممارسة حقوقه، كما أنَّه يُحرم من العيش الإنساني الذي خُلق من أجله في أحسنِ تقويم، وفي المقابل من يمتلك إرادته يستطيع أن يرسم لنفسه المستقبل الذي يأمله؛ ولهذا جاء مؤلَّفنا تحت عنوان: (الإرادة تُمكِّن من نيل المأمول).

ولأجل ذلك جاء موضوع هذا المؤلّف محتويًا للمتغيرات الآتية:

ـ الإرادة مفهومًا ودلالةً: إنَّها التي تحتوي على مضمونٍ مجرَّدٍ قابل لأن يتجسّد في القول والفعل والعمل والسُّلوك؛ ولذا فإنَّ القاعدة الرَّئيسة لمفهوم الإرادة أن تكون حرّة طليقة وفقًا لدائرة الممكن التي تتقيّد بالأعراف المنطقيّة والعقود الاجتماعيَّة والدّساتير والقوانين المنظّمة للعلاقات بين الأفراد والجماعات ومؤسّسات الدّولة. ولكن كما يقولون وهذه حقيقة: إنَّ لكلِّ قاعدة استثناء لا بدَّ أن يشدَّ عنها. فالإنسان الذي خُلق على التخيير وفقًا لما أقرّه الله إليه يحرمه منه مَنْ لا يتقي الله ولا يخشاه.

ـ التمكين بغاية بلوغ المأمول: وهو ذلك الفعل الذي يتطلّب فتح السُّبل أمامه، ولكن إن أقفلت السُّبل؛ أصبحت السُّبل هي الحائل بفعل فاعلها، ولكن أن مُهدت السُّبل يسّرت أمر التمكين الذي يحرّر الإرادة من قيود العائقين والمعرقلين الذين يحولون بين الرّغبة والإرادة وما يمكِّن من بلوغ الغايات.

ـ نيل المأمول والفوز به: إنَّها المرحلة الممكّنة من الإنجاز؛ كونها مرحلة الحصاد المتجاوزة لمرحلة بلوغ الغايات؛ ذلك لأنَّ الغايات ليست هي الغاية في ذاتها، بل هي التي من ورائها مرحلة نيل المأمول الذي كان مرتقبًا، وعند بلوغه يصبح الفوز به ونيله يُمكِّن من إشباع تلك الحاجات المتطوّرة والمتنوّعة.

ـ العلاقة المفاهيميَّة كونها المتغير المتداخل بين هذه المتغيرات الثَّلاثة، وهي التي ستتضح في متن هذا المؤلَّف تحليلًا وتفسيرًا.

أ د. عقيل حسين عقيل

طرابلس ليبيا

2024م