الفاعلون (من الإرادة إلى الفعل )
الفاعلون هم الأشخاص الذين كسروا الوهن في أنفسهم حيوية، فأصبحت إراداتهم شروقا مع الشروق، ولا سكينة لهم إلا باستمداد القوة، وهم لا يتقدمون لفعل شيء إلا والأمل يسابقهم إليه ابتسامة.
وهناك، لا شيء ينتظرهم إلا المأمول رغبة، وهناك أيضا تكون ساعة الوصول فوزا بالمأمول فرحة، ومن بعدها آفاق لم تكن في الحسبان تتفتح مع الشروق زهرة نرد. وهذا لا يعني أن السبيل إلى نيل المأمول ممهد؛ بل فيه من الصعاب ما فيه، ولكن الفاعلون هم المتحدون، وفي المقابل الصعاب لا تصمد، وهناك تكون الهزيمة والنصر (هزيمة الصعاب ونصر الفاعلين.)
فالفاعلون، وإن كانت الصعاب تواجههم؛ فهم بداية قبلوا التحدي، ونهاية إراداتهم كسبت مناعة؛ فلا تردد، ومن بعدها كان التهيؤ عدة فاستعدوا.
فالفاعلون وإن استعدوا فالخوف لا يفارقهم؛ فالخوف من الفشل لا علاج له إلا التحدي، فتهيأوا خوفا، ثم استعدوا له وتأهبوا؛ فلم يكن في سبيلهم مواجه. بل الدافع والمحفز هو التحدي.
ومن هنا أقدم مؤلفنا (الفاعلون من الإرادة إلى التأهب) للقراء الكرام، ونحن قد فرزنا وصححنا شيئا من الخلط بين مفاهيم:
ـ الإرادة.
ـ التهيؤ.
ـ الاستعداد.
ـ العدة.
ـ التأهب.
وكل هذه لم تكن غايات في ذاتها، بل الغاية من ورائها (الإقدام على الفعل)؛ أوضحنا كلا منها، وتركنا الفعل تفصيلا حيث لا اختلاف ولا خلاف على مفهومه ودلالته. ومن هنا، فالفاعلون هم المتميزون إرادة، كونهم لا يقدمون على فعل شيء إلا عن رغبة، وكذلك كونهم لا يقدمون على فعل شيء إلا إذا أصبح ذلك الشيء أملا في نفوسهم.؛ فيحددون له الأهداف الواضحة، ويرسمون له الخطط، ويرتبون أولوياتهم وفقا لفروضهم وتساؤلاتهم التي ولدت في نفوسهم الحية المحفزة على البحث والعمل معا.
ولأن الإرادة هي الحيوية المحفزة على العمل؛ فالفاعلون كلهم ما إرادة؛ فمتى ما فكروا استنتجوا، ومتى ما استنتجوا عرفوا، ومتى عرفوا تهيأوا لما يجب أن يكون؛ فيسعون لإعداد العدة من أجله، ثم يستعدون علما ومعرفة وإمكانات، مع تأهيل بدني لتحمل الأعباء المترتبة على حمْل المسؤولية تجاه الفعل المستهدف إنجازه.
ولأن الفعل يتطلب فاعلين، إذن لكل فعٍل نوع خاص به من الفاعلين؛ ومن هنا فالأعمال العظيمة تستوجب توافر المتخصصين الذين لهم من الدراية ما لهم، ولهم من الخبرة ما لهم، ومع ذلك؛ فإن لم يكونوا متأهبين لأداء الأفعال؛ فلا قيمة لتخصصاتهم وإن تنوعت وتعددت. ولهذا؛ فكثير من الأفعال لا تنجز بالرغم من توافر المتخصصين واليد العاملة، ومن هنا ارتأينا، تبيان الأهمية لكٍل من الإرادة والتهيؤ والعدة والاستعداد والتأهب، كما ارتأينا ضرورتها وأهميتها في صنع المستقبل وإحداث النقلة لما هو أجود. وعليه: فلا فاعلون إلا والإرادة تملأ عقولهم وأنفسهم، ولا فاعلون إلا وحيوية التهيؤ تدفعهم، ولا فاعلون إلا والعدة بين أيديهم، ولا فاعلون إلا والاستعداد قد أصبح على أكمله، ولا فاعلون إلا والروح المعنوية تأهبا قد نضجت.
ولذلك يعد التأهب في زمنه لحظة ما قبل الإقدام على الفعل سواء أكان الفعل في اتجاه التقدم أم في اتجاه أخذ خطوات إلى الخلف، وكل حسب إرادة وتهيؤ واستعداد المتأهب، فمن تأهب للانسحاب لأسباب موضوعية؛ فلم يعد أمامه إلا الانسحاب، ومن تأهب لإحداث النقلة فلم يعد أمامه إلا الأخذ بأفعالها.
Comments (0)