التفكير (من التذكر إلى التفكر)
التفكير عمليَّة عقليَّة يغوص العقل البشري فيها بحثًا وكأنَّه يجري
عمليًَّة حسابيَّة يريد من وراءها معرفة الفوائد والمكاسب، أو يريد من وراءها معرفة ما له وما عليه، وبين هذا وذاك يريد أن يعرف أين هو واقف، أو أين يجب أن يقف، أو وكأنَّه يريد بتلك الحيويَّة الفكرية أن
يخرج من تلك التأزمات بسلام.
ولذا فالتفكير عمليَّة استقصائيَّة تبحث في المعقد لتفك عقده، بغاية إدارة عجلة التفكير إلى الأمام بدلًا من التوقف أو دورانها إلى الخلف.
ومع أن كل المخلوقات تعقل غريزة وتدبًُّرا، فإن الإنسان على رأسها جميعا؛ ولذلك بعقله تفكيراً يميَّز بين ما يجب ويقدم عليه، وما لًا يجب ويتجنَّبه أو يحيد عنه؛ ومن هنا تفكيرا يحدد الأهداف، ويصوغ الفروض أو التساؤلًات، ثمَّ يرسم الخطط والًاستراتيجيَّات؛ بغاية صناعة المستقبل وإحداث النُّقلة وبلوغ المأمول ونيله.
ولأَّن موضوع مؤلَّفنا: التفكير (من التذُّكر إلى التفُّكر)كان علينا أن نبرزالمفاهيم الخاصة ونبِّين كل منها وفًقا لكل متغٍيرمن متغيرات هذا العنوان، ثمَّ نبرز ونبَّين المشترك الذي تتمحور عليه هذه المفاهيم؛ لكي نُيَسِرَ للقراء هذا الموضوع الفكري دلًالة ومفهوًما.
ومع أن مؤلَّفنا يبحث فكًرا، فإن علاقة قويَّة تربط بين تفاصيل
متغيرات مؤلفنا والزمن؛ ذلك لأنَّه لًا تفكير إلًا والزمن وجوًدا، ولًا تفكير
بغاية الًاستهلاك، بل التفكير الجاد بغاية ملء الفراغ، وصنع الأمل، وإشباع الحاجات المتطورة والمتنوعة، وهذه كلها تستوجب بذل الجهد لبلوغ المأمول والفوز به ونيله.
ولذلك ميزنا بين من وهب الله له العقل ويفكر من أجل نفسه
والغير، حتى يقتنص حالا يخرجهم جميًعا من التأُّزمات، وبين من وهب الله له عقًلا ولًا يفكر إَلًا في نفسه ولا يهمه الغير، وبين من وهب الله له
عقًلا ولا يفكر في نفسه ولا يفكر في الغير.
ثمَّ بينَّا أهمية التدبُّر الذي لًا يرتبط إَلا بحاضٍر، وأهميَّة التذُّكر الذي
لا يرتبط إَّلا بماضٍ، وأهميَّة التفكُر الذي يرتبط بالأزمن الثلاثة وكأنَه لا وجود لفواصل بين ماض وحاضٍر ومستقبٍل.
أ د. عقيل حسين عقيل
طرابلس ليبيا 2023م
Comments (0)