وماذا بعد القذافى؟
Book Cover: وماذا بعد القذافى؟
Editions:PDF

لأن لليبيا تاريخ عبر التاريخ، فلم يكن من السهل علينا البحث فيه؛ فهذا الأمر يحتاج إلى فرق من الباحثين من أساتذة علم التاريخ والعلوم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ولذا كان موضوع هذا الكتاب مركز على القيم والأخلاق الليبية في فترات ثلاثة:

  • ما قبل حكم القذافي.
  • أثناء حكم القذافي
  • بعد حكم القذافي.

قبل حكم القذافي كان الليبيون لا يستمدون قدوتهم الحسنة إلا من القدوة الأحسن منها، مما جعل للمعلم احترامه وتقديره العاليين من الجميع، وخاصة الدارسين والمتعلمين على يديه، فالمعلم كونه قدوة حسنة لم يكن يشرب مسكرا، ولا يقدم على محرم ولا جرم ولا منهي عنه، كان صادق القول، ومثالا للسلوك الحسن، والعمل المخلص، وهكذا كان حفظة كتاب الله والمقرئين قدوة حسنة للقراء، يرشدون الناس في خطبهم ودروسهم بالتي هي أحسن للتي هي أحسن وأقوم، وكأن الناس كل الناس عندهم هم أبناء أم واحدة وأب واحد.

أما في زمن حكم القذافي فالأمر لم يعد كذلك؛ فكثير من القيم الأخلاقية في زمنه قد قوضت؛ فقد حكم ليبيا بعقلية شيخ القبيلة. والفرق كبير بين عقل شيخ القبيلة الذي رسم سياساته بعقول الأموات، والتي جعلت منه متعصبا ومنحازا على حساب الآخرين من بني الوطن، وبين ذلك الإنسان المتطلع لصناعة المستقبل الأفضل، دون أن يتردد عن قول الحق وفعله، وهو الذي تبنى قيمه على المنطق وبكل موضوعية.

ومن هنا فالسؤال وماذا بعد؟ يستوجب بناء دولة التوافق (دولة الحل) التي لا يكون فيها أحد مقصى، ولا محروم، ولا مغيب عن ممارسة حقوقه، وأداء واجباته، وحمل مسؤولياته، وهي الدولة التي تبلغها الشعوب بعد نقلة تعبر بها التوقف عند حدود الإصلاح الذي كان مقبولا لفك التأزمات، إلى بلوغ الحل السياسي والاقتصادي والأخلاقي. وهي الدولة التي لا قيود فيها على الإرادة؛ فالشعب وحده قادر على أن يختار قمة لإدارة سلطاته، وفقا لدستور مقر ومعتمد من قبله. ومن هنا تعد دولة التوافق هي دولة تحقيق النقلة إلى كل ما من شأنه أن يحقق التقدم.