الشخصية الوطنية الليبية (سيادة و هوية)
Book Cover: الشخصية الوطنية الليبية (سيادة و هوية)

دراسة الشَّخصيَّة أو البحث فيها أمرٌ ليس بهين ؛ فهي تتطلَّب معرفة ودراية بكيفيَّة منهجيَّة سواء أكان المنهج المستخدم تاريخيًّا، أم أنثروبولوجيًّا،

أم مسحا اجتماعيًّا، أم أنَّه تحليل مضمون، وخير وسيلة لدراسة الشَّخصيَّة

هي استخدام أحد التصانيف القيميَّة الممكِّنة من معرفة القيم ومدى تأثيرها على السُّلوك الفردي أو الجماعي أو الوطني أو الإنساني.

ولأنَّ موضوع مؤ لَّفِّنا الشَّخصيَّة الوطنيَّة الليبيَّة فكان للمعايشة أثر مهم في معرفة تلك الحقائق البعيدة التي ارتبطت بالعادة والعرف الاجتماعي، وبتلك التي ارتبطت بالدَّولة ونظمها وقوانينها؛ كان ذلك عبر

محطَّات ذات متغيرات أربع: الشَّخصيَّة الليبيَّة في تلك الأعوام ؛ حيث أيَّام الاستعمار والجهاد كان المتغير الرَّئيس ذا أثر قيم يفي صقل الشَّخصيَّة

الليبيَّة وهويَّتها الوطنيَّة، ثمَّ من بعدها جاء الاستقلال أعوام الحكم الملكي

والمملكة الليبيَّة؛ حيث السيادة الليبيَّة بدأت تتربَّع على تاج الملك ودستور الدَّولة، الذي بقي ثمانية عشر عاما على رؤوس الليبيين تاجا، ثمَّ جاء الانقلاب 1969م على الملك ونظامه ودستور البلاد وهويَّة الدَّولة التي است بدِّلَتْ بهويَّة نظام رأس المنقلبين؛ كونه قد ألغى العمل بالدُّستور ولم يأتِّ ببدي ل يؤسس للدَّولة الجديدة التي اتخذت عدَّة تسميات في زمنه.

أسقط به وبنظامه غير المدستر بثورة شعبيَّة و عن غير رأفة مع مناصرة قويَّة من قبل الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة وحلف النَّاتو. ثورة مزَّقت كلَّ الأوراق المعمول بها دون أن تأتي حتَّى الآن بمسوِّغات وطنيَّة لتأسيس الدَّولة.

ذات السيادة والهويّة .

فهذه المحطَّات الأربع ضمنَتْ في صفحات هذا المؤلَّف وأسطره، مع كشفِّ كثير مِّن الحقائق التي غلفت وكأنَّه أحدا لا يرى أو يسمع، فكان الرَّد والتَّصحيح الذي اعتمدنا فيه: (المعلومة الصَّائبة وحدها تصحح

المعلومةَ الخاطئةَ وتصوِّبها).

ثمَّ كان ما بين اليدين ما كتب عن الشَّخصيَّة الليبيَّة وفقا لذلك المثلث الذي أسماه الدُّكتور المنصف وناَّس بالثَّالوث: )ثَلوث القبيلة،

والغنيمة، والغلبة (، والذي جاء الكلام فيه عن الشَّخصيَّة الليبيَّة وكأنَّما زالت تعيش زمن )داحسٌ والغبراء (؛ ذلك الزَّمن الذي لم يعد حيًّا؛ إذ أكل الدهر عليه وشرب.

ولا شكَّ أنَّ النَّقد البنَّاء يُكِّن من المعرفة الواعية، ولهذا وردت في ذلك المؤلَّف حقائق كثيرة فيها من الموضوعيَّة ما فيها، ومع كثرتها قد تعادلت كفَّتا البحث فيها مع ما جانبه الصَّواب موضوعيَّة .

ولأنَّ للبحث العلمي وسائله الموضوعيَّة التي تَليق به فقد قدَّمنا للقرا ء خَير ما يُكِّن مِّن دراسةِّ الشَّخصيَّة والبحث في أغوارها والقيم التي تجعل لها هويَّة وسيادة ؛ إنَّه خُاسي ال تَّحليل القيمي الذي يعدُّ إضافة جديدة تيسر للبحَّا ث المعرفة العلميَّة الميسرة لدراسة الشَّخصيَّة .

ونحن بصددِّ هذا المؤلَّف كان من الواجب علينا إظهار مكانيَّة استخدام خُاسي تحليل القيم في دراسة الشَّخصيَّة بشكل عام، ودراسة

الشَّخصيَّة الوطنيَّة الليبيَّة بشكل خاص؛ وهذا الجهد لامس محطات كثيرة، وكل محطَّة كانت لها خصوصيَّة ولا يُكن تعميمها على كل الليبيين وكأنَّم

أوراقٌ منسوخةٌ.

وقد أظهر هذا الجهد تميُّزَ الشَّخصيَّة الليبيَّة التي أنصهر البدو فيها مع الحضر في بوتقة التمدين والتبدون ، ومن ثمَّ فلم يعد لتلك الخصائص

البدويَّة وجو دٌ على قيد الحياة، ولا لتلك الخصائص المدنيَّة وجودٌ على قيد الحياة أيضا.

أ د. عقيل حسين عقيل

طرابلس ليبيا

2023 م