الِخدمةِِ الاجتماعيَّةِ النَّاهضة (منِ التكيُفِِ إلىِ صنعِ الأملِ)
يقدم مؤلفنا: الخدمة الاجتماعيَّة النَّاهضة من التكيّف إلى صنع الأمل
مجهوًدا متأسس على قراءة واسعة في مجالات الخدمة الاجتماعيّة وأساليبها وميادينها ووسائلها، التي كادت أن تركن إلى السكون وعدم التجديد، مما حّفزنا على إظهار هذا الجهد نهضة فكريّة ورؤية موضوعيَّة؛ ليكون بين أيدي المتخصصين في مهنة الخدمة الاجتماعيَّة ماَّدة للتطوير والتجديد؛ بغاية نهضة علميَّة مواكبة للنُّقلة العلميَّة التي صاحبت كل التخصصات
العلميَّة والمهنيَّة في العلوم الطبيعيَّة والإنسانيَّة والاجتماعيَّة.
ولقد وقفنا على نتائج هائلة تثبت أَّن قيمة التكيُّف ليست دائًما ذات أثر إيجابي، بل هي في معظم الأحيان ذات أثر سالب؛كونها لا تكون إَّلا والتنازلات من قبل الضعفاء وذوي الحاجة تقَّدم الواحدة من بعد الأخرى.
ثمَّ ميَّزنا بين مفهوم التكيُّف ومفهوم التوافق، وبيَّنا مفهوم قيمة كٍّل منهما؛ ومن هنا تمَّ فك ذلك اللبس الذي كان عالًقا في أذهان المتخصين والقَّراء الكرام على السوى.
فذلك التكيُّف الذي كان البعض يقرأه وكأنَّه غاية في ذاته، أصبح واضحا أنَّه المفتقد لمعطيات الغاية، وهكذا لم يعد التوافق غاية في ذاته، بل الغاية من ورائهما بلوغ غايات أعظم، غير أن الفارق بين قيمتي التكيُّف والتوافق: أَّن التوافق يؤّدي إلى رسم السياسات المشتركة دون أن يكون البعض عبئًا على بعض، وفي المقابل فإن السياسات في دائرة التكيُّف لا ترسم إلى والبعض على حساب بعض، ومن هنا فلن تكون صانعة لأمٍل ولا محّققة لنهضٍة.
ولأن التكيُّف لن يكون غاية، وكذلك التوافق لن يكون غاية، فإن النَّهضة الفكريَّة والحضاريَّة والإنسانيَّة لن تكون إَّلا والأمل يصنع؛ وذلك بغاية بلوغ المأمول ونيله.
ومع أن الأمل قيمة ثمينة، فإنَّه ليس بغاية في ذاته، بل الغاية من ورائه أن يكون الأمل محّفًزا على صنع أمل أعظم، أي: ينبغي كلَّما ننجز مأمول نفكر في صنع مأمول أهم وأعظم، ثمَّ نعمل من أجل بلوغه ونيله، وهكذا لن يكون للنَّهضة حدود لتقف عندها؛ ولن يكون لنا مستقبلا مأمولا ما لم نلتفت لأنفسنا وعقولنا ونقيّم أحوالنا؛ لكي نحدد مواقعنا على خريطة خلق الإنسان الذي خلق في أحسن تقويم.
أ د. عقيل حسين عقيل 2022م
Comments (0)