الهوية بين متوقع وغير متوقع
Book Cover: الهوية بين متوقع وغير متوقع
Editions:PDF

تناول المؤلف الهوية الوطنية الليبية واستقرأ هموم أصحابها بعد ما حدث من تغيرات في ليبيا وفقا لدائرة الممكن المتوقع وغير المتوقع، فتلك الشخصية دافئة القلب، وطيبة النفس، وهادئة الجانب، والمقتدية بالقدوة الحسنة، أتظل على ما هي عليه، أم أنها ستتغير؟

وجاء اهتمامه البحثي منصبا على الهوية الوطنية الليبية وأهميتها الحاضنة للهويات المتفرعة منها، ذلك لأن الهوية الليبية أم تحضن مواليدها الأربعة، (العرب، والأمازيغ، والطوارق، والتبو)، حيث الخصوصيات التي حالها كحال أي مواليد من أب وأم؛ فمهما كان الأخوة أبناء أم واحدة وأب واحد؛ فلا يمكن أن تكون بصمتهم واحدة، ولهذا؛ فالهوية الوطنية الليبية أم لأبناء أربعة من أب واحد (وطن).

وحيث أن الهوية الوطنية عنوان لمواطنيها؛ لكن لكل ساكن فيها عنوان حيث ما سكن، ولذا؛ فالفرق كبير بين الهوية والانتماء؛ فالانتماء كما يكون للهوية يكون للمكان والدين واللغة والعرف؛ فمن ناحية المكان أهل القرى ينتمون لقراهم، وأهل المدن ينتمون لمدنهم، وأهل البدو ينتمون لبداوتهم، ولذلك؛ فالعرب الليبيون هويتهم ليبية، والأمازيغ الليبيون هويتهم ليبية، والطوارق الليبيون هويتهم ليبية، وهكذا التبو الليبيون هويتهم ليبية، ولكن جميع هؤلاء الأخوة الأربع ينتمون إلى الوطن العربي، والقارة الأفريقية، والدين الإسلامي. ومن ثم فهم عرب انتماء، ومسلمون انتماء، وأفارقة انتماء، أما الهوية؛ فبالنسبة لهم هي واحدة (ليبية)؛ فهم كما هم ليبيون.

والهوية الوطنية الليبية بياض، أبسط ملمس غير نظيف يشوهه، وهي نفس، لا تتأزم إلا من أحوالها، وهي عقل، لا يتدبر مستقبله بغفلة عن الذاكرة، وهي قلب، لا ينبض إلا بالدفء، وهي روح، تحوم في سماء ليبيا من الحدود إلى الحدود، وهي النخلة، كلما حذفت بحجرة من أيدي أهلها، أسقطت رطبا.

وعليه؛ فلا مفر من الصفح والعفو والتسامح والتصالح تحت مظلة الهوية الوطنية، التي بأنفاسها تبنى دولة التوافق الوطني حيث لا إقصاء، ولا حرمان، ولا هيمنة، ولا تهميش، ولا عزل سياسي لمواطن عن غير عدالة.