العفو العام والمصالحة الوطنية
عندما تكون الخلافات بين المواطنين بعضهم من بعض ليست بخلافات شخصية، ولكنها تتعلق بالأنظمة والسلطة وأدوات الحكم في الدولة، فمن الواجب الأخذ بالعفو العام والمصالحة الوطنية، كونهما أداتين لحل التأزمات بين بني الوطن الواحد.
ولذلك، ما جرى بين الليبيين من اقتتال من أجل الوطن، يصعب فك شفراته بموضوعية، ذلك لأن الذين أمروا بالقتال مع النظام السابق يرون أنفسهم أنهم قد قاتلوا من أجل الوطن، والذين ثاروا على ذلك النظام، لا شك لديهم أن ما أقدموا عليه من قتال هو من أجل الوطن، ومع ذلك كل طرف يحسب قتلاه شهداء، والجراح بينهم لم تندمل بعد، ويا ليتها تندمل، لتعود العلاقات بين بني الوطن (الأقارب والأقارب).
ولأهمية العفو العام، والمصالحة الوطنية، تناولت هذا الموضوع بالبحث، أخذا في الاعتبار أن خير مصدر هو القرآن الكريم وسنن الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، مع عدم الإغفال عن تلك التجارب التاريخية التي قدمت دروسا هي الأخرى يمكن أن تستمد العبر منها.
ولأن العلاقة المفهومية متداخلة وقوية بين مفاهيم (العفو، والصفح، والمصالحة، والتسامح)، ارتأيت أن يكون عنوان مؤلفنا (العفو العام والمصالحة الوطنية) وذلك انطلاقا من أن التسامح الذي هو لين جانب يمكن من العفو كونه رحمة من الرحمن الرحيم، ولأن العفو والتصالح بين الناس رحمة، فكان موضوع مؤلفنا تتبع تلك الفضائل الخيرة والقيم الحميدة التي تدفع تجاه العفو العام والمصالحة الوطنية وتحفز عليهما، مع معرفة ما تتركه من آثار نفسية وأخلاقية بها تتحقق الطمأنينة ويسود الأمن وتغرس الثقة بين بني الوطن.
Comments (0)