العدل لاوسطية ولا تطرف
Book Cover: العدل لاوسطية ولا تطرف
Editions:PDF

يتناول هذا المؤلف مجموعة من الفضائل الخيرة والقيم الحميدة في مواجهة مع ما يخالفها من سلوك وما يؤدي الخلاف إليه من ردود أفعال قاسية. فكانت فضيلة العدل على رأس هذه القيم، ثم تلتها قيمة الوسطية التي ألبست بما ألبست به وهي ليست كذلك؛ فكان البحث جهًدا جريئًا في فك الملابسات وتقديم المفهوم القيمي وفًقا للمصادر التي تمت العودة إليها كما هو مثبت في حواشي البحث.

كما تم تصويب المفاهيم التي ألمت بمفهوم التطرف الذي يمتد بين موجب وسالب، فهوكما تم تبيانه موجب عندما يكون تطرفًا عما يشين أو يقلل شأًنا بشريا، وهو سالب عندما يكون في مواجهة الأفعال المنبثقة من الفضائل الخيرة والقيم الحميدة التي ارتضتها البشرية. ولأن العدل فضيلة فهو العدل في ذاته اسم صفة واسم فعل، ولهذا لا يعد العدل حكًما؛ فالعدل ما ينبغي أن يأخذ به الحكم قراًرا، أما الحكم فهو ما يقره الشرع عدًلا.

ومن ثم؛ فإن العدل بالنسبة لمن يرغب بلوغ حٍل ليس له هروب منه إلا إليه، وفي المقابل من يرغب ظلًما فليس له إلا الاختباء عنه؛ لأن العدل إظهار الحقيقة هي كما هي ولا انحياز، فمن شاء الحقيقة تكون بين يديه، وفي المقابل من لم يشأ الحقيقة هي ولا تبديل.

ولأنه العدل؛ فهو الكلمة الحق والفعل الحق، ولكن أكثرهم لا يعلمون ولا يفقهون ومجرمون وظالمون ومنحرفون وغيرهم كثير، ولهذا فالعدل حكم في مواجهة الظالمين والمعتدين بغير حق، وهو إنصاف لمن تقع المظالم عليهم.

أما قيمة (الوسط) فقد علق ما علق بها من غموض مما جعل مستخدميها استخدموها في غير  محلها مفهوًما. فالبعض ارتآها الوسطية، والبعض ارتآها الوسيطية، ولكنها وفًقا لهذا المجهود البحثي لم تكن هذا ولا ذاك؛ لأن الذين قالوا: إنها الوسطية فسروها نقطة جذب بين طرفين أو عدة أطراف. أما الذين قالوا: إنها الوسيطية ففسروها بينية (بين بينين). ولهذاكان لمؤلفنا من الحجج ما له.

وعليه: فالعدل لا وسطية ولا تطرف، أي: إنه شيء آخر، ولهذا فالوسطية ليست العدل، لأن العدل لا وسطية (أبيض أو فيها اسود) ذلك هو الحق ولا شيء غيره. وهكذا الوسيطية لا عدل وإن ادعت ذلك.